شارك المقال عبر:
حسين الحاجي:
بدايةً، عندما نتكلم عن #التجارة_الإلكترونية لا نعني بها فقط شراء المنتجات التي يتم تخزينها وتغليفها وشحنها، بل التجارة الإلكترونية تشمل بيع وشراء المنتجات وكذلك الخدمات وحتى المعلومات عبر الإنترنت.
فطلبات المطاعم عبر التطبيقات وخدمات توجيه المركبات (التوصيل) وكذلك الدورات الإلكترونية والاشتراكات في المواقع والألعاب الإلكترونية واستئجار المواقع السكنية من خلال التطبيقات، جميعها تجارة إلكترونية وتدخل ضمن الإحصائيات التي تجرى على حجم القطاع.
حدوث زيادة كبيرة في حجم التجارة الإلكترونية في قطاع التجزئة خلال السنين القليلة الماضية أظهرته إحصائيات عالمية، وهي تطرح تساؤلاً مفاده هل (نسبة\سرعة النمو) ستبقى مرتفعة (بنفس الوتيرة) التي حدثت في السنين الأخيرة، أم أن عودة الحياة إلى طبيعتها بعد انحسار جائحة كورونا سيقلل من (نسبة\سرعة النمو) وإن كان من المتوقع أن يستمر هذا النمو في التصاعد؟
حسب إحصائية نشرت عبر (insiderintelligence) في ديسمبر 2020 تقارن نسبة التجارة الإلكترونية في قطاع التجزئة في أعلى 10 دول عالمياً في هذا المجال، توقعت حدوث نمو في جميع هذه الدول العشر كان أعلاه في الصين التي أشارت الإحصائية إلى نمو نسبة التجارة الإلكترونية في قطاع التجزئة فيها من 52% لعام 2021 إلى 55% لعام 2022 ، وأقله في أسبانيا التي توقعت لها نمواً من 10.9% إلى 11.2% .
لا يمكن الحكم على خصائص نموذج عمل ما بأنها إيجابيات مطلقة أو سلبيات مطلقة، هي خصائص قد تشكل فرصة للبعض وقد تشكل تحدي أمام البعض الآخر وأحياناً يمكن تقبّلها أو إيجاد حلول لها، مثلاً:
كما أن صاحب المتجر يمكنه الاستفادة من جميع ساعات اليوم في تلقي طلبات عبر متجره طوال اليوم ومن كل مكان، دون أن تكون تجارته محدودة بأوقات عمل ونطاق جغرافي محدود كما في النموذج الاعتيادي عبر البيع في المحلات، إلا أن هذا يعني وقتاً أطول يقضيه صاحب المتجر في خدمة العملاء، سيتلقى الرسائل طوال الوقت وكلما زاد عددد العملاء (المحتمَلين والفعلّيين) تزيد الرسائل وعبر مختلف قنوات التواصل الاجتماعي التي يتواجد المتجر من خلالها، مما قد يشكل ضغطاً فوق العادة على البائع -خصوصاً إذا لم يكن متفرغاً لإدارة المتجر كالموظفين المرتبطين بعمل رسمي أثناء النهار- كي يتجاوب مع هذه الرسائل بمحتواها المختلف (استفسارات، شكاوى) بسرعة ودقة وجودة عالية كي يحافظ على رضا العملاء الذين قد يزعجهم التأخر في الرد أو عدم وضوح ودقة الجواب، فضلاً عن الإهمال وعدم الرد.
في السوق، مجرد وجود واجهة للمحل مع لوحة واضحة، يشكل دعاية وتسويقاً للمحلّ ويساهم بجذب العملاء بنسبة ما دون جهد مستمر من البائع، أما في التجارة الإلكترونية فالمتجر صفحة بين مليارات الصفحات في الإنترنت ويحتاج من البائع جهداً مستمراً في ترويجها وتحسين وتطوير طرق جذب العملاء إليها، مع أن التسويق الإلكتروني يوفر حلولاً مختلفة ومرونة في التكاليف ويجمع بين التسويق المجاني والمدفوع إلا أن المشترك بين كل هذا هو ضرورة الاستمرار في النشر والدعاية والترويج وجذب المستخدمين إلى حسابات التواصل الاجتماعي وموقع المتجر وتشجيعهم على اتخاذ اجراءات مختلفة تعزز من ترتيب المتجر (التصفح، المتابعة، زيارة المتجر، التواصل وغيرها)، والتخطيط لهذه العمليات يحتاج أيضاً تركيزاً من البائع وجهداً مستمراً. وبالأخذ بعين الاعتبار أن المستخدمين يتعرضون لدعايات كثيرة يومياً مما يضعف تفاعلهم مع العديد منها فإن التخطيط لحملات إعلانية مدفوعة قد يستهلك ميزانيات عالية أحياناً.
يفضّل العديد من العملاء طلب المنتجات من متاجر محلّية حتى لو وجدوا نفس المنتج بسعر أقل في متجر عالمي، والهدف ضمان التوصيل السريع بالإضافة إلى ضمان خضوع المتجر لنظام الجهات الرسمية داخل البلد في حال وجود أي مشكلة في الطلب مع سهولة التواص باللغة العربية، هذا يلزم التاجر بعدة التزامات منها البقاء بقرب المخزون دائماً وجدولة أوقات واضحة لتلبية الطلب بعد استلامه على المتجر مما يحد حركة التاجر وحرية وقته أو على الأقل تشكيل فريق لمتابعة الطلبات في أوقات مختلفة.
سهولة الإجراءات التنفيذية للدخول إلى قطاع التجاة الإلكترونية (سجل تجاري أو وثيقة عمل حر تصدر إلكترونياً في وقت قياسي، متجر إلكتروني عبر مزوّد خدمة يتوفر في لحظات، وغيرها مما يمكن إنجازه إلكترونياً وبشكل سريع) ساهم في رفع رغبة الكثيرين في الدخول للمجال ولو من باب التجربة، حتى أصبحت المتاجر بعشرات الآلاف داخل المملكة فقط -نعم ليس بالضرورة أن جميعهاً متاجر قائمة لفترة طويلة وربما عدد كبير منها للتجربة- لكن بالنهاية سيحتاج المتجر الجديد أن يشق طريقاً طويلة نوعاً ما كيف يصل للعميل المستهدف من بين هذه المتاجر الكثيرة، ومن الحلول الناجعة هو التميز من الأساس وفي أكثر من جانب (تميز في المنتجات، تميز في المجال والتخصص، تميز في الخدمة، تميز في التصميم، تميز في التغليف، تميز في التسعير، تميز في خدمة العملاء، تميز في سياسة الاستبدال والاسترجاع وخدمات ما بعد البيع)
جودة خدمات الشحن والتوصيل ستعتمد على احترافية وسيط هذه الخدمة، ولو كان الوسيط أقل من مستوى توقعات صاحب المتجر والعميل إلى حد الإضرار بالمنتج (بدئاً بالإضرار بالتغليف إلى الإضرار بالمنتج نفسه) سيضطر البائع لمعالجة المشكلة مع العميل عند وجود شكوى، وربما يؤثر على رغبة العميل في إعادة التجربة وهذا ما لا يمكن لوسيط الشحن تعويض المتجر عنه ولو قام بتعويض بعض الأضرار المادية الأخرى.
الاستبدال والاسترجاع في المتجر الإلكتروني ليست بسهولتها في المحلّات، ولا حتى بنفس السرعة، سيقطع المنتج الطريق عكسياً من العميل إلى البائع وهذا يخضع لحركة وسيط الشحن وسرعته في الإنجاز والموضوع قطعاً سيستهلك أياماً بينما لا يستهلك غير ساعات بسيطة للاستبدال والاسترجاع من المحل. وبعد استلام المنتج سيتطلب الأمر وقتاً للتأكد من صلاحيته للاستبدال والاسترجاع ولإعادة المبلغ إلى رصيد العميل.
لم تتغلب أكبر المنصات على تفضيل قطاع واسع من العملاء للدفع عند الاستلام، وهذا التفضيل له أسباب كثيرة ومختلفة، فوجودها ضمن خيارات الدفع يزيد من الطلبات لكن لا يضمن البائع أن جميع هذه الطلبات سيتم استلامها فعلاً مما قد يسبب نسبة رجيع ويتطلب وضع سياسات تقلل من هذه النسبة باستمرار.
مواسم ومناسبات المبيعات المشهورة فرصة لزيادة المبيعات، حيث رغبة العملاء بالشراء موجودة ويتبقى على التاجر استهدافهم بالعروض المغرية والإعلانات الجذابة، لكن على الجانب الآخر تنشأ تحديات في قطاع العمليات اللوجستية لتلبية الطلبات بدقة وبدون أخطاء، وكذلك شحنها وتوصيلها بشكل سليم وآمن وبوقت مناسب مع الضغط الذي ستواجهه جميع شركات الشحن في نفس التوقيت، دائماً ما يتم التأكيد على التجار الإلكترونية على عدم إطلاق عروض ترويجية أو حملات دعائية دون التأكد من جاهزية فريق العمليات وتلبية الطلبات لتلقي حجم الطلبات المتوقع وكذلك تناسب المخزون مع حجم الاستهداف والإعلان.
تم نشره عبر صحيفة الوطن السعودية (هنا)
شارك المقال عبر: