شارك المقال عبر:
حسين الحاجي:
تعتمد استراتيجية الكثير من أصحاب المتاجر الإلكترونية بأنواع منتجاتها (السلع والخدمات) عند تسويق منتجها على الاجتهاد في وصف مزايا المنتج وسرد خصائصه الفريدة، وهو محتوى مهم وضروري لتعريف المتلقي على ما يتميز به هذه السلعة أو تلك الخدمة أملاً في إقناعه بالشراء أو بإبداء الاهتمام على الأقل.
واللافت هنا أن العنصر الأساسي في قرار الشراء لن يكون مجرد (مزايا) هذا المنتج مهما اجتهد البائع في سردها إن لم يقنع المتلقي في النهاية أن لهذا المنتج (قيمة) تضاف إلى حياته بعد شراء المنتج أو الخدمة.
يقصد بالـ(قيمة): الفائدة / الأثر / التغيير / الدور، الذي سيضاف إلى حياة المستفيد عند استخدام المنتج أو الاستفادة من الخدمة، فمهما كان للمنتج من مزايا في نفسه دون أن يكون أثر هذه المزايا واضحاً في حياة المستخدم ستبقى هناك مسافة بين الإعلان وبين قرار الشراء.
عند البحث عن منتجات للبيع، يُنصح صاحب المتجر دائماً بالبحث عن منتج (يحل مشكلة قائمة أو يضيف قيمة واضحة) في حياة عملائه كي يستطيع إقناعهم بالشراء. المنتج أو الخدمة اللذان لا يحلان مشكلة ولا يضيفان قيمة سيفتقدان أهم حافز يشجع العملاء على الدفع. وقد يكون المنتج يحل مشكلة ويضيف قيمة فعلاً لكن البائع يفشل في إيصالها للعملاء لأنه ركّز في تسويق المنتج على مزاياه وخصائصه، لا على قيمته ودوره.
على سبيل المثال،
عند رغبتنا بكتابة وصف لهذا القلم الفاخر فيمكننا سرد مزاياه ومن ثم توظيفها كقيمة يستفيدها العميل بعد شراء القلم (نعرف أن شراء هذه الأقلام ليس بهدف الكتابة بها بل لكونها جزءًا مهمًا من الهندام الخارجي):
الميزة:
قلم فاخر، مصنوع من أجود المواد، وتحت إشراف أمهر الصنّاع، قام بتصميمه مجموعة من أشهر المصممين حول العالم.
القيمة:
تحفة فنيّة أخّاذة بكتابة فاخرة، تظهر أناقتك لتجذب لك الأنظار وتمنحك حضور مميز ومظهر يلفت الانتباه في الاجتماعات واللقاءات والمناسبات الرسمية.
وكما يمكن أن تلاحظ، فمجرد كون القلم مصنوع من أجود المواد وتحت إشراف أمهر الخبراء والمصممين البارعين لا يوضح ما الذي سيستفيده العميل عند اقتنائه، نعم قد (يعجب به) لكن لا يشعر أنه بحاجة لشرائه وامتلاكه لمجرد أنه قلم فريد من نوعه.
بينما يختلف الموقف عندما ينظر له من زاوية القيمة، فلأن هذا القلم ذو جودة عالية ومظهر فاخر وتصميم مميز فسيعني أنه إضافة قيّمة لأناقتك الشخصية ومظهرك المشرّف في البيئة التي تسعى فيها لكسب الاهتمام والاحترام، وسيمنحك الشعور بالتميز والفخامة الذي تريده بين الآخرين، هنا أصبح لمزايا المنتج قيمة مهمة في حياة العميل.
دعنا نحاول تطبيق هذا المبدأ على رحلة الباحث عن عمل وكيف يمكن توظيفه للوصول إلى الفرصة الوظيفية!
من بين المعلومات التي يذكرها الباحثون عن عمل في سيرهم الذاتية ما يمكن تصنيفه كـ(مزايا)، وأخرى كـ(قيمة).
عندما يتقدم الباحث عن عمل للترشح إلى فرصة وظيفية شاغرة، فهو كالبائع الذي يعرص سلعةً ما مقابل ثمنها، والسلعة هنا هي المهارات والخبرات والدراسات وتحديداً قابلية المترشح لأداء المهام المتوقعة منه في هذه الوظيفة. لذا يلزم أن يحرص الباحث عن عمل على بيان كيف يمكن لمزاياه أن تتحول إلى قيمة لبيئة العمل وتعزيز الإنتاجية.
قد يجد الباحث عن عمل أن حصوله على دورات كثيرة في مجالات غير مترابطة بنحو من الأنحاء، باعتباره ميزة يتميز بها، بينما لا تجد فيها جهة العمل قيمة تضاف لسد احتياجهم المحدد في المقعد الشاغر والذي يتطلب حقلاً معرفياً معيناً.
وكذلك عند كتابة الخبرات العملية في السيرة حيث يكتفي بعض المتقدمين بالتركيز على المسمى الوظيفي أو اسم الجهة أو عدد سنوات العمل، باعتبارها مزايا مهمة تضاف للسيرة، بينما تبحث جهة التوظيف عن المهام التي كان المرشح يؤديها بإتقان وبشكل مستمر في وظيفته السابقة، والإنجازات التي حققها خلال هذه الفترة إن وجدت وبالأرقام، فمن خلالها يمكنهم معرفة القيمة التي ستضيفها لفريقهم عند انضمامك.
وكل ذلك منسحب إلى بقية الأقسام الأخرى في السيرة الذاتية، كالمهارات والهوايات والخبرات التطوعية، جميعها مزايا ولكن من المهم أن يتم إخراجها بما يعكس قيمة مهمة في شخصية المتقدم تضاف إلى فريق وبيئة العمل وتلامس احتياجهم الفعلي (إما بما يدعم احتياجهم في المهارات التخصصية “المهارات الصلبة” أو احتياجهم في المهارات الشخصية للمرشح “المهارات الناعمة”). وهذا يبدأ أولاً بمعرفة طبيعة الاحتياج والشاغر الوظيفي قدر الإمكان قبل الترشح وقبل المقابلة الشخصية. وما لم يكن منها ذو أهمية فربما كان الاستغناء عن ذكره في السيرة الذاتية أفضل.
وهذا يعني كذلك أنك قد تجري تعديلات مستمرة على السيرة الذاتية حسب الفرصة الوظيفية واحتياج جهة العمل، فما يعتبر مجرد ميزة لدى جهة ما قد يكون قيمة لدى جهة أخرى لديها احتياج مختلف، وحسب هذه المتغيرات سيكون تنسيق السيرة الذاتية متغيراً لزيادة التركيز على العنصر الأهم والقيمة التي تلامس المطلوب لدى كل جهة على حدة، فقط إن كان هناك اختلاف كبير في الاحتياج.
ستدفع لك جهات العمل مقابل قيمتك المضافة لهم لا فقط قابل مزاياك بشكل عام، فمهما كان إعجابهم بالمزايا قد لا يتم الاختيار ما لم يشعروا أن من بينها ما هم فعلاً بحاجة إليه، ويضيف لهم قيمةً وأثراً منشوداً.
شارك المقال عبر: