مدرب ومرشد التجارة الإلكترونية والعمل الحر عبر الإنترنت، مستشار مشاريع تنموية في تطوير المهارات، كاتب وصانع محتوى.
مرشد مهني معتمد CCSP. ومحترف إدارة مشاريع تنموية PMD.
(التوصيل) من أكثر القطاعات التي انتعش فيها العمل الحر في السنوات الأخيرة، وعوامل انتعاشه عديدة ومعروفة من أهمها النمو المتزايد لأنشطة التجارة الإلكترونية التي يزداد معها الطلب على السائقين ومناديب التوصيل في توصيل الطرود وتوصيل الأشخاص وتوصيل الوجبات، مع بساطة شروط ممارسة هذه الخدمة والتي لا تتطلب في الغالب أكثر من مركبة مناسبة ورخصة سياقة سارية المفعول.
هذه الخدمة أتاحت للكثيرين مصدر دخل إضافي يومي عبر استثمار أدوات في المتناول، ودون مؤهلات معقّدة، خصوصاً لمن يحاول تنويع التطبيقات التي يعمل لديها وينوّع مجالات التوصيل تبعاً لها، وساعدت التطبيقات نفسها على تقديم خدمتها للجمهور دون المرور بأعباء عملية التوظيف الكامل (Full-time) أو الجزئي (Part-time) ولجأت بدلاً عن هذا إلى ممارسي العمل الحر الملتزمين حسب تفرّغهم فقط، ويكون الالتزام بين الطرفين متعلقاً بالأجرة مقابل تقديم الخدمة الفعلية لا الراتب الشهري وملحقاته.
لذا.. فالتوصيل أيضاً عمل حر.. ولكن:
قد يكون (الاكتفاء بالتوصيل فقط) كعمل حر: (أكلةً تمنع أكلات).. فمع وجود مجالات كثيرة جداً لممارسة العمل الحر باستثمار بعض الممكّنات الأخرى مثل: الخبرة العملية، التخصص العلمي، المهارات المهنية، الهوايات الشخصية، المواهب، وحتى العلاقات في مجال معيّن والاطلاع الواسع على بعض التفاصيل المهمة فيه، جميعها من الممكن أن تتطوّر إلى عمل حر أكثر استدامة وحتى أكثر مردوداً (مالياً وغير مالي، مباشر وغير مباشر) من عوائد العمل الحر في التوصيل.
ما معنى (أكلة تمنع أكلات)؟
الأكيد أن لخدمات التوصيل عوائد مالية، ولهذا السبب يشهد هذا النموذج للأعمال الحرة رواجاً واعتمادية استعانةً بسهولة الدخول فيه كـ(مزوّد خدمة)، لكن لو قارنّا ماذا يمكن أن يكون العائد من نماذج الأعمال الحرة فيما يعرف بالـ(الخدمات التخصصية) أو (الخدمات المصغّرة) على المدى البعيد، ستتضح لنا الأكلات الموجودة في هذه المجالات (للقادرين عليها بطبيعة الحال).
لنعقد مقارنة افتراضيةً مدتها خمس سنوات، بين مستقل مستمر في تقديم خدمة تخصصية (ككتابة المحتوى مثلاً) ومستقل مستمر فقط في قطاع التوصيل، خلال الفترة نفسها.
سائق توصيل.. بعد خمس سنوات:
مدخول مالي مناسب فقط للاحتياجات اليومية أو الأسبوعية، من المستبعد القدرة على توفير شيء منه.
المدخول لا يتغير ولا يتضاعف ويخضع لسياسة التطبيق وربما يتناقص.
بعد خمس سنوات: الخبرة والاستمرارية لا دور لها في تنمية المدخول.
سائق التوصيل بعد خمس سنوات بلا عملاء، فعلاقته التعاقدية مع التطبيق مباشرة، وهو الذي يحيل إليه الطلبات.
لا يمكنه بناء سمعة مهنية في المجال فلا يتم طلبه بالاسم. ولا يمكن إحالة عملاء آخرين عليه.
نشاطه مرتبط بنشاط وصلاحية حسابه على التطبيق، بمجرد تعثّر الحساب أو إيقافه أو حتى عدم الموافقة له، ستنتهي القدرة على مزاولة النشاط فوراً من خلال هذه القنوات.
الأصول التي يعتمد عليها تتناقص قيمتها -وربما تتأثر صلاحيتها- مع الاستهلاك.
لا تغيّر ملحوظ في المهارات والكفاءات، نظراً لمزاولة نفس العملية الروتينية دون أي تغيير، دون أي تحدي جديد، دون أي فرصة تعلّم.
المنافسة كبيرة جداً بحكم مناسبة هذا النموذج من الأعمال لمختلف الشرائح.
سائق التوصيل بعد خمس سنوات: سائق توصيل.
كاتب المحتوى.. بعد خمس سنوات:
لديه قائمة بمختلف المشاريع التي نفّذها، مع خصوصية كل منها واختلافه عن المشاريع الأخرى، مما يعني أن كل مشروع جديد هو فرصة جديدة للتعلّم والتحدي. عندما تتراكم هذه المشاريع بعد خمس سنوات ستعكس مستوى كبير من الخبرة والكفاءة في مختلف المجالات.
لديه شبكة واسعة من العلاقات المهنية في نفس المجال: شركاء، زملاء مهنة، عملاء فعلّيين، وعملاء محتملين، ومتعاونين، ومن مختلف القطاعات: أفراد وجهات حكومية وخاصة وغير ربحية.. هذه الشبكة هي رأس مال تتعاظم قيمته مع الوقت والمواصلة، ويمكن المراهنة عليها من أجل تحقيق قفزات في النمو في الميدان والحصول على المشاريع.
المدخول المالي يتضاعف، لأن المهارة نفسها والخبرة والكفاءة تتضاعف، فأجر كاتب المحتوى بعد خمس سنوات لن يكون هو في السنة الأولى أو الثانية. بل وحتى المردود المالي نفسه سيكون بالمستوى الذي يمكن إعادة استثماره في مشاريع أخرى تدر دخلاً منتظماً. كما أن نوعية وحجم المشاريع ستختلف.
الأصول تنمو قيمتها مع الوقت ولا تتناقص: فالأصول التي يستثمرها كاتب المحتوى هنا هي مهاراته، ومن المعلوم أن المهارات تنمو وتتطور مع الممارسة وتصبح أكثر اعتمادية وكفاءة واتساعاً وتنوعاً، وبالتالي تساعد المستقل في الاستقرار بل والتوسع في سوق المهنة أكثر. كما أن السمعة وشبكة العلاقات التي سيبنيها ستحيل إليه المشاريع بالاسم وهذه مرحلة متقدمة جداً في العمل.
كاتب المحتوى بعدد خمس سنوات من الوارد أن يكون صاحب منشأة أو قائد فريق يدير مجموعة من كتاّب المحتوى ويعمل على عقود مشاريع ضخمة بالأشهر والسنوات، أي أنه لاعبٌ معتبر في الميدان وصاحب صنعة متطورة لا صاحب عمل يومي فقط. ولا يرتبط عمله بمنصة أو جهة أو تطبيق محدد يسمح له مزاولة النشاط أو يمنعه عنه.
كاتب المحتوى بعد خمس سنوات هو كاتب محتوى، وهو مدير مشروع، وماهر في خدمة العملاء والتسويق والمبيعات والتسعير والمالية وبناء العلاقات، فالعمل الحر التخصصي مدرسة في المهارات.
كما أن المنافسة مقتصرة على المشابهين في المهنة بدل النطاق الواسع جداً للمنافسة في النموذج الآخر.
وربما كان العمل الحر التخصصي هذا هو طريقه للوظيفة لدى أي من عملائه الذين وجدوا فيه الكفاءة والانضباط والالتزام والمهارة التخصصية، بعد التعامل معه.
هذا ما يدعوني لتشجيع كل من يمكنه أن يقتنص فرصة لإطلاق عمله الحر في الخدمات المصغرة والتخصصية، أن لا يكتفي بمجال العمل الحر في التوصيل فقط، فحتى لو كان لديه نشاط في التوصيل للاستفادة من فرص تحقيق العائد المالي اليومي، يمكنه أن يخصص من وقته شيئاً لتجربة أي من (التخصص – الخبرة – المهارة – الهواية – الموهبة) التي لديه ليطوّر منها عملاً حراً قد ينمو ليكون شبكة أعمال يمكن المراهنة عليها في المستقبل لتكون مؤسسة مستدامة أو حتى تمهد الطريق للوظيفة في مجال يحبه ويهواه وقدّم ما يثبت كفاءته فيه حتى لو لم يكن هو مساره المهني التقليدي
منذ ٢٠١٨: خبير ومستشار، مدرب متمرّس ومرشد، وصانع محتوى، في بناء وتطوير مهارات الشباب بمجال ريادة الأعمال الرقمية ومشاريع التجارة الإلكترونية والعمل الحر عبر الإنترنت، وصناعة العلامة التجارية الشخصية والتسويق الشخصي، والتوجيه المهني. حائز على ثقة أكثر من ٥٠ شريك إنجاز وتمكين من الجهات السعودية والخليجية والدولية، من القطاع الحكومي والقطاع الخاص ومؤسسات القطاع غير الربحي، في أكثر من ١٥٠ برنامج ومبادرة لتنمية الشباب، من خلال خدمات التدريب واستشارات المشاريع وجلسات الإرشاد، وصناعة وكتابة المحتوى.