شارك المقال عبر:
حسين الحاجي:
ممارسات خاطئة، ضارة بل قاتلة، شائعة ومتكررة، جميعنا معرّضون لبعضها على الأقل إن ليس كلها. عند الاستمرار عليها وعدم الاعتراف بخطورتها نستطيع أن نعلن لأنفسنا الموت البطيء. وعند الانتباه لها مبكراً والتصدي لها في البداية، نستطيع الاحتفاظ بقدر كبير من الصحة النفسية والمزاج الهادئ لوقت أطول!
تعمد ملاحقة وتتبّع الأخبار المتعبة والمقلقة باستمرار..وتحديداً تلك التي تدور خارج محيطك وحياتك الشخصية واليومية. لا تترك خبراً عن أزمات وحروب وحوادث من أي نوع وفي أي بقعة إلا وتتبّعها وكأنك تعيشها بل كأنك من أطرافها وإن كانت لا تمسك ولا تعنيك.
العب دور الضحية دائماً، عوّد نفسك على أنك الطرف الأضعف المغلوب على أمره والعاجز وقليل الحيلة والمستسلم..والمعرض لمؤامرة كونية من سكان كوكب بلوتو بالتعاون قرية السنافر أنت ضحية والآخرون وحوش..حتى لو فازوا في السباق فلأنهم ذئاب وأنت حَمل.
القاموس الناري، وما أدراك ما القاموس الناري.. اجعل قائمة ألفاظك وتعابيرك دائماً ملتهبة ويتطاير منها الشرّ والشرَر..لا تعبر بلطف ولا تتكلم برفق ولا تناقش بهدوء..كن كالبركان لا ترمي فوّهته إلا بالحِمم.. اجعل التعابير المشتطّة تغلي بداخلك دائماً
كن حجر عثرة وتحت أي عذر، هذا الدور يمثل المرحلة الثانية من دور الضحية..لا تدع فكرة جميلة تنطلق منك ولا مشروعاً مفيداً يمر من خلالك..ما لا تستطيع عرقلته فعلى الأقل لا تدعمه. تحجّج مرة باللا جدوى وأخرى بالاستغلال وثالثة بأي شيء. المهم كن عثرة.
بث البؤس..بعد أن تتشبّع بالأخبار السيئة ومتابعة الأحداث المقلقة والقصص المحبطة.. لا تدعها تقف عندك.. وانشر تؤجر! لا يسمع منك جلساؤك ومصاحبوك الا كل ما يثير الغثيان ويفري الأكباد ويهلك الأعصاب من التوتر والتعب وإرهاق المشاعر وتشتيت الأذهان.
قدّم سوء الظن بقدر ما أمكنك، لا يشغلك أحد باستغلال الفرص ومد الجسور ونفض الغبار ورمي شِباك المحاولة..دائماً استغرق في خيال مظلم وتوقع نهايات سلبية واجزم بها وكأنك تراها رأي عين.. يمكنك تمرير وتبرير هذه الاستراتيجية الفعالة تحت عناوين كثيرة.
لا تتوقع لنفسك دوراً أفضل في المستقبل، لا تتفاءل بظروف أجمل ولا تعمل لتغيير الحال للأحسن..هذا أنت وهذا ما كنت وما ستبقى عليه ولا يمكن أن تتغير ظروفك، إلا للأسوأ ربما، فلا تنس أنك الضحية العاجز أمام تآمر هذا الكون عليك واستهدافه لك!
تجاهل قضاياك الحقيقية فهي صغيرة تافهة ولا تليق بك، تشاغل بكل ما لا يعود بأثر عليك وعلى حياتك وعلى محيطك بشكل مباشر..من سألك عن العمل فأجبه عن الاحتباس الحراري، ومن حدثك عن التطوع فأخبره عن صلع البطاريق..لا تتنازل عن هذه الاهتمامات العالمية.
(من يبيك يجيك) ومن لم يصل إليك فهو المخطئ لأنه لم يبحث جيداً وربما قد تعمّد أن يتجاهلك (ضحية+سوء ظن)..أما أنت فلا تحتاج للحركة والانتقال وسلك طرق جديدة وتعلم واكتساب مهارات وعلوم إضافية.. أنت لا تحتاج لشيء ولا لأحد..وكل شيء وكل أحد محتاج إليك
لا يوجد شيء جميل من حولك، لا تنجرف مع مشاعر الشكر والتقدير والفرح والإعجاب والامتنان والحماس والتوثّب..جِدْ ثغرةً في أي شيء واختزله بها وقل هذا هو..واقنع الآخرين أن تنقطع أنفاسهم لهثاً خلف إعجابك ورضاك حتى لا تجدهم حولك وتشتكي بأنك ضحية.
في كل الاستراتيجيات العشر الماضية، المشترك هو “المكابرة”، كل من يتبع أي من هذه الاستراتيجيات، كلها أو بعضها أو معظمها أو حتى واحدة منها: سيجد الأثر فوراً في ضيق البال وانقباض الصدر وتلف المشاعر والأعصاب وحتى العلاقات، سيفقد الاستمتاع باللحظة والتفاؤل بالمستقبل، سيشعر بكل هذا عن وعي لكنه يختار أن يكابر على أن يتغير.
شارك المقال عبر: