شارك المقال عبر:
حسين الحاجي:
"رأسمالها: صورة"!
هكذا بدى أحد روّاد الأعمال متحمّساً جداً لتنويع محتويات متجره الإلكتروني، ليجعله محطة يبيع فيها كل أنواع البضائع التي تسحره أرقامها المتحركة سريعاً في المبيعات والأرباح، ولأنه سيعرضها في متجر إلكتروني وليس في معرض واقعي، فلم يكن هناك مانع لديه من أن يحشر في واجهة المتجر كل الأنواع الممكنة بالنسبة له، فلا أرفف ولا مساحات عرض ولا تصاميم وديكورات خاصة لكل سلعة، دون أن يجد في الاختلاف الصارخ بين أنواع البضائع على واجهة المتجر الإلكتروني، أي مشكلة تنعكس على "هوية" المتجر: واجهة المتجر وتخصصه ومجال تميّزه، وصورته الذهنية لدى العملاء. لأن كل المطلوب منه أن ينشر "صورة" المنتج الذي يريد بيعه، وانتهى الأمر!
"المتجر الإلكتروني" فكرة تختلف عن البيع العشوائي على منصات التواصل الاجتماعي مثل (الأنستاجرام وتويتر وسناب شات) وغيرها، والتي لا تصلح أن تكون أكثر من قنوات تسويق وتواصل لا قنوات بيع مباشر، وكذلك يختلف المتجر الإلكتروني عن البيع عبر منصات التسويق الإلكتروني التي تضم متاجر عدة وتعرض المنتجات بمختلف الأصناف بنفس الواجهة، مثل أمازون ونون وسوق، امتلاكي لمتجر إلكتروني (سواءً موقع على الويب، أو موقع مع تطبيق خاص) يعني أن لدي هويةً مشروع تجاري وتقع علي بالكامل مسؤولية بنائها وتسويقها وترويجها وترك الانطباع المناسب عنها، لأمارس نشاطي تحت واجهتها.
عندما أقتحم كل هذا الزحام الذي اكتظت به الشاشة الآن وأبحث عن حصّة لمشروعي\لمتجري في السوق، يعني أنني أحتاج العمل على استراتيجية مهمة لا غنى عنها لكل مشروع ينوي البقاء والتوسع: بناء قاعدة صلبة من العملاء، وتعزيز ولاءهم للمتجر، وزيادة رقعة هذه القاعدة تدريجياً وباستمرار. ولكي ينفذ المشروع إلى وعي العملاء المحتملين وينجح في تحويل نسبة جيدة منهم إلى عملاء حقيقيين ويحافظ عليهم ويستهدف المزيد من نفس الشريحة: يحتاج (إلى جانب العناصر المهمة في نجاح أي مشروع بكل عام) تحديداً إلى أن يتمتّع بـ(قيمة مضافة) تميّز المتجر وتصنع له علامة فارقة، تجعل العميل يشعر أنه يتلقى عبر هذا المتجر خدمةً لا توجد لدى المنافسين، هذا لن يتحقق عندما يكون تفكير صاحب المتجر منصباً فقط على تحريك أرقام المبيعات والأرباح وبأي طريقة كانت وعبر أي نشاط وإن كان غير محدد المعالم والاتجاهات، فعدم تحديد مجال معين للتجارة يعني عدم تحديد شريحة عملاء معينة لاستهدافها والحفاظ عليها، يعني عدم تحديد القيمة المضافة المهمة لجذب شريحة غير محددة أصلاً، عدى عن أنه سيهلك الميزانية بين أنواع مختلفة من البضائع بلا تخطيط واضح، وسيشتت جهود التسويق كثيراً، وسنعجز عن ابتكار "ثيمة" للمتجر ليتم تسويقه في إطارها وجذب المهتمّين بها.
ويكون تميّز المتجر وجاذبيته الخاصة للعملاء ممكنَين عندما يتمتع صاحب المتجر بخطة واضحة وعلى المدى البعيد: تحديد مجال منتجات واضح، تحديد السلع نفسها بمواصفات يرتضيها العملاء، التنوع والتكامل بين المنتجات لتلبية حاجات مختلفة في المجال نفسه، البحث المستمر عن الجديد والمميز ليستمر حرص العملاء على متابعة المتجر والبقاء على مسافة قريبة. لماذا؟ لأنه يلبي اهتمامهم، لأنه يختصر عليهم عناء البحث في متاجر عدة بحثاً عن سلعة معينة، لأنه يفهم احتياجاتهم، لأنه يستهلك اوقاتهم فيما يعنيهم ولا يشعرون معه أنهم يستنزفون الوقت في التفرج على منتجات كثيرة لا يبدو منها أنه تم اختيارها على أساس مدروس ومعتنى به واحترافي.
شارك المقال عبر: